آداب حملة القرآن
لقد كتب أهل العلم في هذا الموضوع آداب وأخلاق حملة القرآن كتابات عظيمة، وألَّفوا في هذا الباب مؤلفات قيمة نافعة، وهي عديدة ومتنوعة، إلَّا أنَّ مِن أحسنها وفاء بهذا الموضوع كتاب "أخلاق حملة القرآن" للإمام العلامة أبي بكر محمد بن حسين الآجري المتوفَّى سنة 360هـ، وهو كتاب عظيم القدر، جليل الفائدة، وحريٌ بكلِّ حافظ للقرآن، بل لكلِّ مسلم أن يقف عليه ويفيد منه، وقد تحدَّث فيه مؤلِّفه –رحمه الله- قبل بيانه لآداب حملة القرآن عن فضل حملة القرآن، وفضل من تعلَّم القرآن وعلَّمه، وفضل الاجتماع في المسجد لدرس القرآن، وقصد –رحمه الله- من البدء بهذه الأبواب الترغيب في تلاوة القرآن، والعمل به، والاجتماع لمدارسته، ثم شرع بعد ذلك في بيان آداب حملة القرآن مستدلًّا على كل ما يقول بالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية والآثار المروية عن سلف الأمة.
ولعلَّنا نذكر جملة طيبة من هذه الآداب الكريمة والخلال العظيمة والتي ينبغي أن يتحلَّى بها أهل القرآن وحملته، بل ينبغي أن يتحلَّى بها المسلمون جميعهم، فمن هذه الآداب:
* أن يتحلَّى صاحب القرآن بتقوى الله في سره وعلنه، ويقصد بعلمه وعمله وجه الله، ويريد بتلاوته وحفظه القرب منه سبحانه.
جاء عن عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- أنَّه قال: "ولقد أتى علينا حينٌ وما نرى علينا أحداً يتعلم القرآن يريد به إلا الله، فلما كان بأخرةٍ خشيتُ أنَّ رجالًا يتعلَّمونه يريدون به الناس وما عندهم، فأريدوا الله بقرآنكم وأعمالكم".
* ومن هذه الآداب أن يتخلَّق بأخلاق القرآن الشريفة، ويتأدب بآدابه الكريمة، ويجعل القرآن ربيعًا لقلبه يعمر به ما خَرِب من قلبه، ويصلح به ما فسد منه، يؤدِّب نفسه بالقرآن، ويصلح به حاله ويقوِّي به إيمانه، يقول الله –تعالى-: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ*وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 125،124].
فحامل القرآن يجعل القرآن دليله إلى كلِّ خير، ورائده إلى كل خلق حسن جميل، حافظاً لجميع جوارحه عما نهى الله عنه، إن مشى؛ مشى بعلم، وإن قعد؛ قعد بعلم، وإن تكلم؛ تكلم بعلم، وإن شرب؛ شرب بعلم، وإن أكل؛ أكل بعلم، يتصفَّح القرآن ويقرأه ليؤدِّب به نفسه، وليهذِّب به سلوكه، وليزيِّن به أعماله، وليقوِّي به إيمانه.
ولهذا أنزل القرآن، ولم ينزل للقراءة والتلاوة فقط بدون العلم والعمل، قال الفضيل بن عياض –رحمه الله-: "إنما نزل القرآن ليُعْمَل به، فاتخذ الناس قراءته عملًا".
ومعنى قوله: "ليُعْمَل به" أي: ليُحِلوا حلاله، ويحرِّموا حرامه.
"فاتخذ الناس قراءته عملًا" أي: لا يتدبرونه ولا يعملون به.
* ومن هذه الآداب: أن تكون همَّة من يقرأ القرآن إيقاع الفهم لما ألزمه الله من اتباع ما أمر والانتهاء عما نهى، ليس همَّته متى أختم السورة؟ وإنما همَّته متى أستغني بالله عن غيره؟ متى أكون من المتقين؟ متى أكون من المحسنين؟ متى أكون من الخاشعين؟ متى أكون من الصادقين؟ متى أعرف قدر النعم المتواترة؟ متى أشكر الله عليها؟ متى أتوب من الذنوب؟ متى أعقل عن الله الخطاب؟ متى أفقه ما أتلو؟ متى أكون بزجر القرآن متعظًا؟ متى أكون بذكر الله عن ذكر غيره مشتغلًا؟ متى أُحبُّ ما أحبَّ الله؟ وأُبغض ما أبغض؟ فهذه همَّته عند تلاوة القرآن.
يقول الإمام الحسن البصري -رحمه الله- وهو من أجلَّة التابعين يصف بعض قرَّاء زمانه وهو بصدد بيان أهمية تدبُّر القرآن والتفقه فيه يقول: "أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إنَّ أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفًا، وقد والله أسقطه كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل حتى إنَّ أحدهم ليقول: إنِّي لأقرأ السورة في نَفَس، والله ما هؤلاء بالقرَّاء، ولا العلماء، ولا الحكماء، ولا الورعة، متى كانت القرَّاء مثل هذا، لا كثَّر الله في الناس مثل هؤلاء".
هذه بعض آداب حملة القرآن ممَّا أورده الآجري -رحمه الله-، وقد أنهى -رحمه الله- ذكره لتلك الآداب بقوله: "فالمؤمن العاقل إذا قرأ القرآن استعرض القرآن فكان كالمرآة، يرى فيها ما حَسُنَ من فعله وما قَبُح منه، فما حذَّره مولاه؛ حذره، وما خوَّفه به من عقابه؛ خافه، وما رغَّبه فيه مولاه؛ رغب فيه ورجاه، فمن كانت هذه صفته أو ما قارب هذه الصفة؛ فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رعايته، وكان له القرآن شاهدًا وشفيعًا وأنيسًا وحِرزًا، ومن كان هذا وصفه؛ نفع نفسه ونفع أهله، وعاد على والديه وعلى ولده كلُّ خير في الدنيا والآخرة".
لقد كتب أهل العلم في هذا الموضوع آداب وأخلاق حملة القرآن كتابات عظيمة، وألَّفوا في هذا الباب مؤلفات قيمة نافعة، وهي عديدة ومتنوعة، إلَّا أنَّ مِن أحسنها وفاء بهذا الموضوع كتاب "أخلاق حملة القرآن" للإمام العلامة أبي بكر محمد بن حسين الآجري المتوفَّى سنة 360هـ، وهو كتاب عظيم القدر، جليل الفائدة، وحريٌ بكلِّ حافظ للقرآن، بل لكلِّ مسلم أن يقف عليه ويفيد منه، وقد تحدَّث فيه مؤلِّفه –رحمه الله- قبل بيانه لآداب حملة القرآن عن فضل حملة القرآن، وفضل من تعلَّم القرآن وعلَّمه، وفضل الاجتماع في المسجد لدرس القرآن، وقصد –رحمه الله- من البدء بهذه الأبواب الترغيب في تلاوة القرآن، والعمل به، والاجتماع لمدارسته، ثم شرع بعد ذلك في بيان آداب حملة القرآن مستدلًّا على كل ما يقول بالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية والآثار المروية عن سلف الأمة.
ولعلَّنا نذكر جملة طيبة من هذه الآداب الكريمة والخلال العظيمة والتي ينبغي أن يتحلَّى بها أهل القرآن وحملته، بل ينبغي أن يتحلَّى بها المسلمون جميعهم، فمن هذه الآداب:
* أن يتحلَّى صاحب القرآن بتقوى الله في سره وعلنه، ويقصد بعلمه وعمله وجه الله، ويريد بتلاوته وحفظه القرب منه سبحانه.
جاء عن عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- أنَّه قال: "ولقد أتى علينا حينٌ وما نرى علينا أحداً يتعلم القرآن يريد به إلا الله، فلما كان بأخرةٍ خشيتُ أنَّ رجالًا يتعلَّمونه يريدون به الناس وما عندهم، فأريدوا الله بقرآنكم وأعمالكم".
* ومن هذه الآداب أن يتخلَّق بأخلاق القرآن الشريفة، ويتأدب بآدابه الكريمة، ويجعل القرآن ربيعًا لقلبه يعمر به ما خَرِب من قلبه، ويصلح به ما فسد منه، يؤدِّب نفسه بالقرآن، ويصلح به حاله ويقوِّي به إيمانه، يقول الله –تعالى-: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ*وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 125،124].
فحامل القرآن يجعل القرآن دليله إلى كلِّ خير، ورائده إلى كل خلق حسن جميل، حافظاً لجميع جوارحه عما نهى الله عنه، إن مشى؛ مشى بعلم، وإن قعد؛ قعد بعلم، وإن تكلم؛ تكلم بعلم، وإن شرب؛ شرب بعلم، وإن أكل؛ أكل بعلم، يتصفَّح القرآن ويقرأه ليؤدِّب به نفسه، وليهذِّب به سلوكه، وليزيِّن به أعماله، وليقوِّي به إيمانه.
ولهذا أنزل القرآن، ولم ينزل للقراءة والتلاوة فقط بدون العلم والعمل، قال الفضيل بن عياض –رحمه الله-: "إنما نزل القرآن ليُعْمَل به، فاتخذ الناس قراءته عملًا".
ومعنى قوله: "ليُعْمَل به" أي: ليُحِلوا حلاله، ويحرِّموا حرامه.
"فاتخذ الناس قراءته عملًا" أي: لا يتدبرونه ولا يعملون به.
* ومن هذه الآداب: أن تكون همَّة من يقرأ القرآن إيقاع الفهم لما ألزمه الله من اتباع ما أمر والانتهاء عما نهى، ليس همَّته متى أختم السورة؟ وإنما همَّته متى أستغني بالله عن غيره؟ متى أكون من المتقين؟ متى أكون من المحسنين؟ متى أكون من الخاشعين؟ متى أكون من الصادقين؟ متى أعرف قدر النعم المتواترة؟ متى أشكر الله عليها؟ متى أتوب من الذنوب؟ متى أعقل عن الله الخطاب؟ متى أفقه ما أتلو؟ متى أكون بزجر القرآن متعظًا؟ متى أكون بذكر الله عن ذكر غيره مشتغلًا؟ متى أُحبُّ ما أحبَّ الله؟ وأُبغض ما أبغض؟ فهذه همَّته عند تلاوة القرآن.
يقول الإمام الحسن البصري -رحمه الله- وهو من أجلَّة التابعين يصف بعض قرَّاء زمانه وهو بصدد بيان أهمية تدبُّر القرآن والتفقه فيه يقول: "أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إنَّ أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن كله فما أسقطت منه حرفًا، وقد والله أسقطه كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل حتى إنَّ أحدهم ليقول: إنِّي لأقرأ السورة في نَفَس، والله ما هؤلاء بالقرَّاء، ولا العلماء، ولا الحكماء، ولا الورعة، متى كانت القرَّاء مثل هذا، لا كثَّر الله في الناس مثل هؤلاء".
هذه بعض آداب حملة القرآن ممَّا أورده الآجري -رحمه الله-، وقد أنهى -رحمه الله- ذكره لتلك الآداب بقوله: "فالمؤمن العاقل إذا قرأ القرآن استعرض القرآن فكان كالمرآة، يرى فيها ما حَسُنَ من فعله وما قَبُح منه، فما حذَّره مولاه؛ حذره، وما خوَّفه به من عقابه؛ خافه، وما رغَّبه فيه مولاه؛ رغب فيه ورجاه، فمن كانت هذه صفته أو ما قارب هذه الصفة؛ فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رعايته، وكان له القرآن شاهدًا وشفيعًا وأنيسًا وحِرزًا، ومن كان هذا وصفه؛ نفع نفسه ونفع أهله، وعاد على والديه وعلى ولده كلُّ خير في الدنيا والآخرة".
السبت أغسطس 22, 2009 2:54 pm من طرف الإدارة
» وكـل عــام وأنتـــم إلـى اللـــه أقرب ،،
الإثنين أغسطس 17, 2009 11:02 pm من طرف نورالايمان
» يوم في حياة صائم ( مشاريع رمضان )
الإثنين أغسطس 17, 2009 10:59 pm من طرف نورالايمان
» المرأة والقرآن ----منقول
الإثنين أغسطس 10, 2009 12:35 am من طرف نورالايمان
» كيف تكسب دون أن تتعب !؟ منقول
الإثنين أغسطس 10, 2009 12:33 am من طرف نورالايمان
» Welcoming the Arrival of Ramadan رمضان كريم
الإثنين أغسطس 10, 2009 12:27 am من طرف نورالايمان
» أذكار تقال عند أسباب وفي أوقات خاصة
الأحد أغسطس 09, 2009 1:09 am من طرف نورالايمان
» افضل الصدقات ------منقول
الأحد أغسطس 09, 2009 1:03 am من طرف نورالايمان
» أدب المجالس---منقول
الأحد أغسطس 09, 2009 1:02 am من طرف نورالايمان